bidaro com بيدارو كوم منتدى اجتماعي ثقافي ترفيهي |
,, أهلاً بأخي وصديقي الإنسان، من كان ومن أين ماكان ,, |
| | الخارج وبيت العائلة | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
عبدالله النوفلي المدير العام
| موضوع: الخارج وبيت العائلة الأربعاء 26 مارس 2008, 7:56 am | |
| ضاق الفتى بعيشه في بيت أبيه، فقرر الرحيل إلى دائرة أوسع من بيت العائلة الضيق. ولم يكن بيت العائلة ضيقاً كما رآه اليوم؛ فقد كان هذا البيت نفسه في يوم من الأيام هو الدنيا الواسعة بأرضها وسمائها، لكنه أخذ يضيق ويضيق، حتى أصبح كحلقة معدنية قاسية، تضغط ضغطاً رتيباً على عنق هذا الصبي الذي بلغ طور الشباب. وقرر الشاب أن يفلت عنقه من تحت النير، وأن يلقي بذلك الحمل، الذي أحسه ثقيلاً كالجبل، فخرج تاركاً وراءه رسالة وداع لوالديه، ليبدأ مرحلة جديدة وأرجو ألا تسرع يا صديقي القارئ فتظن به الظنون أو تتهمه بالتهور أو العقوق... ولكنك إن فعلت، فلك بعض العذر، فقد ترك وراءه أباً حزيناً، وأماً محطمة، وأخوة حائرين، وخرج إلى عراء موحش، بعد حصانة واقية، وإلى شقاء موجع بعد حصانة حانية. وأرجو أن لا تتسرع أيضاً بإلقاء اللوم على البيت فلم يكن هناك تعذيب أو ضغط ولم يكن هناك تقتير أو قحط. ولم يكن الأب بالسيد القاسي، ولم يكن الابن بالجاحد الناسي أو المارد العاصي!وخلاصة الأمر أن الشاب وُلد لأبوين كريمين أرادا أن يجنباه ما تعرضا هما له من متاعب الحياة، فوفرا له نشأة طيبة وحرصاً على أن يسقياه من ينابيع خبراتهما الصافية وأن يزوداه بحصيلة معارفهما المنتقاة وأن يسيرا به في الطريق الضيق المأمون- الذي انتزعا أشواكه من قبل بأيديهما، ومهداه بأقدامهما. فلم يُسمح له بالذهاب إلى موقع لم يتجسساه، ولم يُترك للسير في طريق لم يتحسساه، ولم تمسك يده كتاباً لم يتفحصاه، ولم تقع عينه على مشهد دون أن يرقباه. فلا فضل له في اتقاء شر، ولا شكر له على انتقاء خير؛ إذ لم تهضم معدته طعاماً عسراً، ولم تفك أصابعه خيطاً معقوداً، ولم يواجه طريقاً مسدوداً، أو يعالج باباً مغلقاً.
وأحس الابن أنه أصبح مختلفاً عن أقرانه في كل شيء! فهو يبدو بينهم كمن يلبس حذاء أبيه وقناع أمه. أصبحت آراؤه التي تتسم بالحكمة والحيطة والحذر، موضع سخرية الزملاء، وتفكيره المتزن الذي يرعى العرف السائد والمألوف، لا يلقى اهتمام الشباب. وخط الوسط المأمون الذي يلتزم به، جعله شخصية باهتة ليس لها وزن ولا تأثير في اتخاذ القرارات، أو توجيه الأحداث.
وأدرك صديقنا المدلل أنه قد صار عصفوراً في قفص من ذهب، فأصبح حلمه المنشود أن يترك فراشه الناعم، ليتمرغ فوق الشوك، وأن يترك طعامه الفاخر ليمضغ الحنظل ويجرش الحصى؛ فقد بدا له المر الذي يختاره بإرادته، أشهى من العسل الذي يوضع له في فمه. فامتلأ قلب الشاب بالألم، ثم بالغضب، ثم بالرفض، ثم بالتمرد والعصيان!
| |
| | | | الخارج وبيت العائلة | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|