bidaro com بيدارو كوم
أهلاً وسهلاً بكم في
منتديات بيدارو
مع اطيب الأوقات
للأخوة الراغبين بالتسجيل
يرجى الأطلاع على التعليمات
مع التقدير ،،
bidaro com بيدارو كوم
أهلاً وسهلاً بكم في
منتديات بيدارو
مع اطيب الأوقات
للأخوة الراغبين بالتسجيل
يرجى الأطلاع على التعليمات
مع التقدير ،،
bidaro com بيدارو كوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

bidaro com بيدارو كوم

منتدى اجتماعي ثقافي ترفيهي
 
الرئيسيةالرئيسية  بوابة بيداروبوابة بيدارو  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
goweto_bilobed goweto_bilobed goweto_bilobed
,, أهلاً بأخي وصديقي الإنسان، من كان ومن أين ماكان ,,
goweto_bilobed goweto_bilobed goweto_bilobed

 

 الآشوريـون ، الخلفية التاريخية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
بيدارو العراق
المشرف العام
المشرف العام
بيدارو العراق



الآشوريـون ، الخلفية التاريخية Empty
مُساهمةموضوع: الآشوريـون ، الخلفية التاريخية   الآشوريـون ، الخلفية التاريخية Icon_minitimeالإثنين 05 أبريل 2010, 9:32 pm

الآشوريـون

THE ASSYRIANS

Translated to English by Mary Challita

الخلفية التاريخية

بلاد آشور الام من زوابي دجلة الى خابور وبليخ الفرات. سكنت منذ عصور سحيقة يقدرها علماء الآثار زهاء مليون سنة قبل ألان. القرى الزراعية المكتشفة كثيرة في هذه المنطقة مثل شمشارة قرب رانية وقرية جرمو شرق كركوك وتل حسونة قرب حمام العليل، وتل دباغية غرب الحضر واربيجة في منطقة نينوى. وقرية نمريكي غرب دهوك، وفي الاراضي التركية والسورية الحالية العديد منها, ولكن اهمها هي قرية ـ مدينة تل حلف عند منابع الخابور والتي سميت في الاشورية (Gozana ) لكثرة الجوز فيها حيث اسكن الاشوريون بعض المسبيين من مملكة اسرائيل اليهودية فيها عندما انطلق شلمنصر الخامس (726 ـ 722) ق.م الى السامرة وجلا اسرائيل وذلك بسبب توقف ملك السامرة عن دفع الجزية للآشوريين واتصاله بفرعون مصر. وبغية منع وصول المصريين الى الساحل الشرقي للبحر المتوسط لان ذلك كان يعيق تجارة الاشوريين مع العالم الغربي. وقبل هذا التاريخ كان ملك يهوذا في القدس قد استنجد بالملك الاشوري تجلات بلاسر لإنقاذه من ملك إسرائيل "ووجه آخاز رسلاً إلى تجلات بلاسر ملك آشور قائلاً أنا عبدك وابنك فأصعد وخلصني من يد ملك آرام ويد ملك إسرائيل القائمين عليّ" فهب تجلات بلاسر الثالث لنجدته وخرب دمشق والسامرة.
تؤكد معظم المصادر الاثارية والتاريخية نزوح قسم من الآشوريين من منطقة تل سنجار باتجاه وسط العراق طلباً للزراعة السيحية حيث استقروا جنوب بغداد وأسسوا أول دولة ـ إمبراطورية سامية في أكد ومن هنا اصطلح على تسميتهم أكديين نسبة إلى مدينة أكد الغير مكتشفة لحد ألان.
أما في وطنهم الام فان عاصمتين نينوى وآشور من بين عواصمهم الخمسة (اربيل. نينوى. آشور. كالخ. دور شاروكين) كانت مسكونة منذ العصر الحجري ـ المعدني. بالإضافة إلى العاصمة الآشورية الدينية اربيلا التي لم يجري فيها التنقيب العلمي ولم تكشف للعالم لحد ألان، إلا أنها كانت مسكونة هي الأخرى منذ العصر الحجري حسب اعتقاد أغلب الاثاريين العراقيين والغربيين.
وان ثبت أو جدول الملوك الآشوريين يذكر أسماء (30) ملكاً من عصور ما قبل التواريخ (قبل ظهور الكتابة). ومع حلول الربع الأول من الآلف الثاني ق.م سطع نجم الملك الآشوري العظيم شمشي أدد الأول (1814 ـ 1783) الذي بعد أن وسّع رقعة آشور في الوطن الام، اندفع غرب الفرات "ولأول مرة في تاريخ ملوك بلاد ما بين النهرين وبلغ جبال لبنان المكسوة بالغابات وذلك البحر الذي يمثل نهاية العالم حينذاك" .
بالإضافة لكون هذا الملك العظيم محارباً شجاعاً وإداريا بارعاً وسياسياً محنكاً. كان حاكماً عادلاً ايضاً، لذلك اهتم بالقضاء والقوانين حيث تم العثور على مجموعة قوانين آشورية تسمى بقوانين شمشي أدد الأول. هكذا فان قوانينه بالإضافة الى قوانين أشنونا كانت المصدر الرئيسي لشريعة حمورابي.
وبعد مرور خمسة قرون على وفاة شمشي أدد الأول نشاهد الملك الآشوري توكلتي ـ ننورتا الأول ( 1244 ـ 1208) يقتحم أسوار دور ـ كاريكالزو (عقرقوف) محرراً بلاد بابل من الاحتلال الكيشي ودخلت بابل لأول مرة تحت الحكم الآشوري المباشر".... وفي غمار تلك المعركة أطبقت بيدي على كاشتلياش الملك الكاشي فوطأت على عنقه الملكية مثل الكرسي وجلبته وهو مكبل وعار أمام الإله آشور.وأخضعت بلاد سومر واكد حتى ابعد حدودها لسلطتي فامتدت حدود ارضي الى البحر الأسفل ذي الشمس المشرقة" .
وفي عهد الإمبراطورية السرجونية التي كانت بدايتها مع سرجون الثاني (721ـ705) ابن شلمنصر الخامس الآنف الذكر. توسعت آشور وصارت قوة عظمى في المنطقة بل في العالم القديم بأسره. وعليه ازدادت حاجتها الى التجارة الآمنة بشكل ملح. فاصبح ضمن أولويات السياسة الخارجية الآشورية ضمان الوصول والسيطرة الاقتصادية على جميع الساحل الشرقي للبحر المتوسط، ولتحقيق ذلك استقر الرأي في نينوى ان لا بد من ضرب العدو في عقر داره، وكانت على اثرها الحملات العسكرية الضخمة تسير الى مصر عبر سيناء، في ايام سنحاريب ابن سرجون، واسرخدون وآشور بانيبال وكان الجيش الاشوري يمر من مشارف القدس ذهاباً واياباً وهو يلقى الدعم اللوجستي من اليهود فيها. الى ان تم احتلال مصر وصعيدها كاملاً.

سقطت الدولة الآشورية بسقوط نينوى وبعدها عاصمتهم الأخيرة حاران على نهر البليخ في سوريا الحالية بين الأعوام (612 ـ 606) ق.م مخلفة ورائها عواصم ومدن وقصور ومعابد ومكتبات ومشاريع ري عظيمة وطرق مواصلا ضخمة ومنحوتات تسحر الناظر أليها. وشعب مثقف ناجح في العمل، محب للفكر والحضارة والفن بشكل لا مثيل له في الشرق في تلك الأيام. حيث أخرجت البعثات الاثارية من الألواح الجدارية من قصر سرجون الثاني في مدينة دور شاروكين والمنحوتة بأسلوب النحت البارز على المرمر العراقي ما يصل طوله الى الميل والنصف، في حالة تصطيفه عند بعضه البعض.
كما خلفت قائمة بأسماء (117) ملكاً آشورياً متعاقباً: "ومثل هذا الاستمرار يغدو اكثر وضوحاً عندما تقارنه بأحد عشر ملكاً من أكد، وخمسة ملوك من سلالة اور الثالثة، وبأحد عشر ملكاً من سلالة بابل الأولى (بابل حمورابي) " . بسبب هذا كله وغيره الكثير يمكن القول، سقطت نينوى و "مع ذلك فقد بقي شبح المملكة الآشورية ينور فوق شمال العراق....، لايبدو ان الميديين قد طمعوا بالمملكة التي ساهموا بإسقاطها فقد انسحبوا قانعين بحصتهم من الغنائم الى ما وراء سلسلة جبال زاكروس.. وبقي البابليون يسيطرون على القطر الآشوري بأكمله ولكنهم لم يحتلوه" .
هكذا فأن البلاد الآشورية الام أصبحت دون سلطة محتلة طوال الفترة الكلدية في بابل والتي دامت (73) سنة فقط مما سهل الأمر أمام الشعب الآشوري ان يداوي جراحه ويستدرك الوضع بسرعة ويبدأ بالعودة الى مدنه الأصلية ويقيم معابد آلهته المشهورة والقومية كآشور وانليل وعشتار..الخ. وهذا الذي حدث فعلاً حيث نجد في فترة احتلال الفرثيين للعراق (126ق.م ـ 227م) قيام ممالك آشورية مستقلة خاضعة لنفوذ الفرثيين مثل مملكة اوسروينا في منطقة اورها ـ حاران الاشورية القديمة. والاسم اوسروينا هو مصغر آشور باللغتين الآشورية والأرمنية (أي آشور الصغيرة) كانت صغيرة فعلاً مقارنة بآشور السرجونية!. بالإضافة الى مملكة حذياب وعاصمتها اربيل العاصمة الآشورية القديمة. ومملكة آشور وعاصمتها مدينة نمرود الآشورية أيام الفرس الساسانيين...الخ. وفي هذه الفترة "بعثت مرة أخرى المدن الآشورية القديمة نحو نوزي وكاكزو... كما وأعيد بناء آشور فأصبحت مدينة كبيرة مثلما كانت أبان أوج ازدهار الإمبراطورية الآشورية"
وقبل هذا التاريخ أي أيام المسيحية الأولى أرسلت حذياب وآشور المملكتان الآشوريتان الأمراء الى القدس لتقديم الهدايا والسجود الى المسيح المولود في بيت لحم، تحقيقاً لنبوءة ايشعيا النبي حين قال: "في ذلك اليوم يكون إسرائيل ثالثاً لمصر وآشور" بمعنى ان الشعب الآشوري سيكون أول من يؤمن برسالة المسيح بعد الشعب المصري واليهودي. حيث قدم الآشوريون الى القدس بصفة وفد من أمراء المجوس الذين كانوا آشوريين جنساً ووطناً ـ سماهم الكتاب المقدس بالمجوس لقدومهم من بلاد كانت تدين بالمجوسية آنذاك ـ وآمنوا بالمسيح وسجدوا له في بيت لحم.
وحول مسألة كون أولئك الأمراء آشوريين، قال المعلم الآشوري مار نرساي الذي ولد في العام الأخير من القرن الرابع الميلادي في قرية عين دولبي، القريبة من دهوك ـ يسكنها الأكراد حالياً ـ في قصيدة له على شكل حوار بين مريم العذراء والأمراء مقدمي الطاعة والهدايا:
" وعندما علمت آشور العظيمة نادت المجوس وقالت لهم: تزودوا بالهدايا واذهبوا الى الملك العظيم الذي ولد في اليهودية وقدموا له الطاعة".
وفي قصيدة أخرى قال: "عندما حسّ هيرودس بان الآشوريين قد أهانوه كثيراً، صبّ جمّ غضبه على الأطفال دون رحمة" .
وفي الكتاب الخاص بتعليم مار اداي الرسول (Doctrine of Addai ) الذي ترأس كنيسة المشرق (33 ـ 45)م جاء ما نصه: "الذين كانوا يتتلمذون كانوا يقبلون الرسامة الكهنوتية على يده، وهم كانوا يبشرون شعبهم في بلادهم بلاد الآشوريين" .
ومن بين مشاهير المؤرخين المعاصرين نستشهد برأي هاري ساكز حين قال عن الوجود الآشوري بعد سقوط نينوى والى ألان: "... فتدمير الإمبراطورية الآشورية لم يمح سكانها، فقد كانوا غالباً من صغار الفلاحين وطالما ضمت بلاد آشور احسن الأراضي لزراعة الحنطة في الشرق الأدنى، فان أحفاد الآشوريين قد يبنون لهم قرى جديدة كلما سنحت الفرصة على مواقع المدن القديمة ويستمرون في أعمالهم الزراعية ويتذكرون تقاليد المدن السابقة. وبعد سبعة أو ثمانية قرون حدثت تغييرات وتقلبات كثيرة ودخل المسيحية هؤلاء السكان. وان هؤلاء المسيحيين ومعهم الجماعات اليهودية المنتشرة بينهم لم يحتفظوا بذكرى مواقع أسلافهم الآشوريين فحسب ولكنهم ادمجوها مع التقاليد المأخوذة من الكتاب المقدس" .
ان المصادر والأدلة والاستشهادات التي تؤكد وجود الآشوريين في البلاد الآشورية الأصلية بعد سقوط دولتهم، ومن ثم بعد الميلاد والى يومنا هذا كثيرة جداً ولا يسع المجال للخوض في التفاصيل لأثبات ما هو واضح وثابت لدى كل من يؤمن بالعلمية والمنطق العلمي والأكاديمي. بالإضافة الى الأدلة اللغوية الدامغة والتي هي الأخرى تحتاج الى مجلد كامل للإحاطة بها. وأخيراً العادات والتقاليد والفلكلور الآشوري وريازة الكنائس وهندسة بنائها التي لا تختلف عن المعابد الآشورية القديمة. كما لا يخفى للدارسين مدى التشابه بل التطابق الواسع بين منطوق نصوص التراتيل الدينية الآشورية القديمة وتلك التي تمارس اليوم في الكنائس الآشورية المختلفة، وبهذا الصدد يقول البروفيسور Simo Parpola : "كان التحول الى المسيحية بالنسبة للآشوريين سهلاً جداً لان العديد من تعاليم الكنيسة الأولى كانت مطابقة مع العقيدة الآشورية الأصلية" . ثم هناك أسماء المدن والقرى والقصاب الآشورية الحالية والتي في معظمها يعود الى عهد الإمبراطورية معنا ومبنياً. وفوق كل هذا وذاك يبقى الشعور الشخصي أحد أهم المقاييس حيث ان آشوري اليوم يشعر ويقتنع بأنه سليل آشوري ألامس وانه عراقي ووطني متشبث بالوطن ومضحٍ لأجله مثل بقية شرائح المجتمع ان لم نقل أكثر.
وزيادة للفائدة فليسمح لنا القارئ ان نستشهد بمصدرين آخرين من القرون الوسطى حول تأكيد الوجود الآشوري في جبال وسهول آشور. ففي عام (1562) م قال الكاردينال أموليس في تقرير له: "السيد المحترم عبديشوع بطريرك الآشوريين المنتخب من قبل الاكليروس وبموافقة شعبهم" .
كما ان ذكر الآشوريين ورد كثيراً في المصادر الكردية بعد دخولهم الى البلاد واحتكاكهم بالاشوريين. الا اننا نكتفي هنا بذكر ما قاله شرف خان البدليسي في كتابه القيم الذي فرغ من تأليفه عام (1596) والذي الفه باللغة الفارسية حين ذكر حول الوجود المؤثر للآشوريين في جبال آشور (هكاري): "أنه في عام 1470 استطاع النصارى المعروفون باسم آسوري ـ آشوريين من ناحية دز باعادة الأمير اسد الدين زرين جنك الكردي الى ولايته الوراثية في جلامرك ـ الأمارة الحكارية ـ " .

الآشوريون بين المذهبية ووحدة الشعور القومي

دخل معظم الآشوريين المسيحية منذ بدايتها كما ذكرنا، وما مطرانية اربيل لاشورية التي نشأت منذ الربع الاخير من القرن الأول واستمرت دون انقطاع حتى بعد سقوط هذه المدينة آشورياً عام 1310م. اذ انها في هذا العام فقط فقدت آشوريتها منذ ان كانت آشورية قبل الآلف الثاني ق.م حينما دخل قلعتها الغزاة المغول مدعومين بمرتزقة دراويش قدموا الى العراق من الجبال البعيدة. أما كنيسة كوخي في المدائن العريقة مقر البطريركية لكنيسة المشرق الآشورية التي أنشأت في 97 م فهي دليلاً دامغاً آخر على ذلك.
وكان هذا الاعتناق الشبه الجماعي للمسيحية من قبل الآشوريين كرد فعل ورغبة للتميّز والابتعاد عن المجتمع الفارسي المجوسي وعدم الاندماج فيه, بل القيام بخلق قيادة آشورية اجتماعية روحية وثقافية، التفوا حولها بحماس مما جعلهم يحافظون على وحدة النسيج القومي الفكري والثقافي الآشوري طوال الأجيال القادمة والى اليوم. فالآشوري لا دولة له منذ العصر الفرثي والساساني حين كانت لهم بعض الممالك الدائرة في فلك المحتل كما ذكرنا. الا انه اي الاشوري عاش وعمل وطور مؤسسة فكرية عقائدية اشبه ما تكون بدولة داخل دولة الا وهي الكنيسة الاشورية المشرقية والتي سميت ردحاً من الزمن بالنسطورية لتميز نفسها عن المذاهب الاخرى التي ظهرت بين الاشوريين مع بداية القرن الخامس ولاحقاً.
وما الاضطهاد الاربعيني الذي شنه شابور الثاني ضد هذه الكنيسة والذي راحت ضحيته عشرات الالاف من الاشوريين المسيحيين المؤمنين بالله وبآشوريتهم ووطنهم، بينهم ثلاثة بطاركة والعشرات من المطارنة والكثير من القساوسة والرهبان...الخ. الا دليلاً على قوة الوجود الاشوري وهو تحت نير الاحتلال وعلى خوف الشاهاة منهم مما اضطرهم الى اللجوء الى لغة السيف للاطمئنان على عرشهم في العراق.
هذا الوضع الاشوري المنظم تحت لواء بطاركة المشرق في ساليق (المدائن) تلمّسه العرب المسلمون عندما دخلوا العراق في الربع الاول للقرن السابع للميلاد، وشاهدوا البلاد عامرة معطاء بجهد بالملايين من الفلاحين المسيحيين الاشوريين من البصرة والى جبال آشور في اعالي دجلة والفرات.
ومعروفة هي جيداً وقفة الكنيسة الاشورية مع الجيوش العربية الاسلامية عندما دخلت طلائعها في منطقة الحيرة والكوفة والبصرة... هذا الوضع الاداري والحضاري والروحي نفسه هو الذي جعل بعض المستشرقين يتكلمون عن الكنيسة الاشورية في العراق وكأنها دولة فعلاً! حيث خصص أحد اشهر الفرنساويين بين العاملين في مجال البحث والايمان عنوان احد مؤلفاته القيمة لتجسيد هذا المعنى عندما ألف الاب جان موريس فييه كتابه الشهير ( آشور المسيحية ) وكأنه يقابل الكنيسة الاشورية بالامبراطورية الاشورية القبمسيحية..! ولم لا! ألم يكن للاشوريين مدارس وجامعات في بلادهم المترامية الاطراف مثل مدرسة اورهاي وجامعة نصيبين ومدرسة رأس ـ العين ومدرسة الدير الاعلى في الموصل ومدرسة بيت ـ عابي غرب العقرة وجامعة جندي شابور الشهيرة التي بادر العباسيون الى استقدام اطبائها وعلمائها ومترجميها الى بغداد ابان قيام الدولة العباسية كما حصل مع جبرائيل ابن بختيشوع وابنائه والعديد من اعوانه حين طلب اليهم الخليفة ابو جعفر المنصور القدوم الى بغداد. ومع مرّ الزمن صار يعيش في بغداد والموصل والبصرة ودمشق... الخ. المئات من الاطباء والمترجمين والكتاب والوزراء من الاشوريين المسيحيين بمختلف مذاهبهم... ووصل الحال بالاشوريين في مجال الطب الى درجة اصبح البعض من المؤرخين العرب يستعمل مصطلح (الطب النسطوري والاطباء النساطرة) في العصر العباسي ومابعده. وان مركز ومقام واهمية المترجمين الاشوريين في بيت الحكمة المأموني ليست خافية لدى الجميع.

اللاهوتي الالماني وعراب المجمع الفاتيكاني الثاني كارل راهنر قال عن البحث والتكلم في اللاهوت مشككاً بمقدرة القائم بذلك في اتمام رسالته: "والسبب ليس في حدودنا البشرية، بل في متطلبات علم اللاهوت، لانه يقصد التكلم عن الله الذي يفوق كل كلام" .
نعم ايها الاخوة التكلم عن الله في الاديان السماوية، فيه نعمة الولوج الى فضاءات المعرفة السماوية الجليلة، ونقمة الوقوع في المتاهات الناجمة عن قصر ذهنية العقل البشري للكلام عن الله وخواصه. فبعد مرور اربعة قرون واكثر على المسيحية في الشرق، مع الارتطام المستمر بين الثقافات والحضارات التي حملتها الشعوب المسيحية المختلفة معها الى حاضرة الكنيسة، كانت كافية لاشعال الخلافات والصراعات والتفاوت في الرأي والاختلاف في التأويل والتفسير...الخ. وبهذه النقمة ابتلت الامة الاشورية من خلال اقدم كنيسة مسيحية شرقية ـ الكنيسة الاشورية العراقية ـ. وازاد في تأجيج نيران هذه الخلافات التدخلات السياسية للمملكتين العظيمتين أي الرومانية والفارسية، في شؤون الكنيسة لاجل الظفر بالمكاسب على الارض.
وهذا ما فعلته الدولة الرومانية حين وجه احد اباطرتها رسالة الى الملك الفارسي مدعياً بحقه في الاشراف على الشأن المسيحي الاشوري في دولة فارس المسيطرة على العراق حينها . فكان ما كان من الحروب والمذابح ضد المسيحيين اثر تشكك الفرس بولاء الاشوريين الى الرومان لكونهم مشتركين معهم في الدين. ومع مرور الزمن انعكس الشعور بالفرقة والاختلاف على مشاعر الاشوريين انفسهم، حيث اصبح الانسان الاشوري يقف بالضد مع اخيه الاشوري التابع الى مذهب آخر أو رئاسة كنيسة أخرى أو دين آخر.... وتكرست العناوين المذهبية والكنسية والاقليمية في النفوس بفعل الفاعلين من داخل المجتمع الاشوري نفسه أو من الخارج من قبل منافسيه على ارضه او المتسلطين على دياره.
لو لا هذا الاستغلال المسرف لمسألة التمذهب الاشوري وما يخفى وراءها من مقاصد وغايات، فأن الموضوع طبيعي ومحسوم لصالح الاشورية في رأي جمهرة كبيرة من الباحثين والمؤرحين، فعلى سبيل المثال نورد ما ذهب اليه الباحث عبد المسيح سعدي: "كأغلب الشعوب فأن للاشوريين تقاليد عقائدية مختلفة اذ ان آشوريو الكنيسة المشرقية يتكونون من الارثودكس او النساطرة. والكاثوليك (الكلدان) والبروتستانت. وعلى نفس النمط يعتنق الاشوريون في الكنيسة السريانية الغربية عدة مذاهب كالارثودكسية (اليعاقبة) والكاثوليك والملكيين (روم ارثودكس وروم كاثوليك) والمارونيين والبروتستانت. ومع نهاية القرن التاسع عشر، وتماشياً مع النهضة القومية، كان معظم اعضاء الكنائس المذكورة اعلاه يفضل ان يعرف بالاسم القومي الاشوري عوضاً عن الاسماء الدينية والمذهبية المختلفة. وفي العموم كان آشوريو الكنيسة المشرقية منتشرين في القسم الشرقي من شمال بلاد النهرين. في حين كان آشوريو الكنائس السريانية الغربية يسكنون في الوسط والغرب من شمال بلاد النهرين" .
هكذا فأن الموازنة بين الانتماء المذهبي والديني وبين الانتماء القومي الوطني بالنسبة للآشوريين أصبحت قلقة تعتمد على العوامل الخارجية المبنية على مدى الدعم المادي والسياسي والامني الذي يوفر لمن يغض النظر عن قوميته ويتمسك بمذهبيته بشكل مفرط. حيث بات واضحاً ان موقف الآشوري الكلداني أي الآشوري الكاثوليكي خلال القرنين الأخيرين كان دوماً مع القوي. بحيث كان يتشبث بالمذهبية والطائفية ويتنكر للقومية الاشورية طالما ان ذلك يوفر له الامان والدعم المادي. وكان شراء الذمم والتهديد يمارس بصورة جلية خلال تلك الفترة ضد كل من يتمسك بقوميته ويعارض التمذهب والشواهد لاثبات ذلك كثيرة ولكننا نكتفي بحالة ذكرها الانكليزي ج. ف. كوآكلي: "كان مار عمانوئيل، بطرك الكلدان قد دفع مبالغ بصورة غير قانونية. وقد اعترف بأنه قدم هدايا مستمرة الى الحاج رشيد بك امير بروار، وقام البيك بالمقابل بحماية الارسالية الدومينيكية في آشيثا من غضب ابناء الكنيسة المشرقية الاشورية .
وحالات القتل والترهيب والتهجير والسجن وحرق المكتبات كثيرة جداً تزخر بها المصادر التي تعالج هذه المواضيع. والتي كان لها الدور الكبير في نفريق كلمة الامة. الا ان الباحثين والمؤرخين المنصفين ما لبثوا وعلى مدى التاريخ يشيرون الى حقيقة كون جميع أهل المذاهب آشوريين قومياً وعراقيين وطناً وعلى سبيل المثال نورد ما قاله الروسي منشاشفيلي: "كان الآشوريون مسيحيين تتمثل عندهم جميع الكنائس المسيحية تقريبا، كالنسطورية والأرثوذكسية واليعقوبية والبروتستانتية..." وفي موضع آخر يقول: "يدور الحديث هنا ولاحقاً عن الآشوريين النساطرة فقط". ويؤكد هذا الباحث مراراً على آشورية الكلدان: "الى جانب الآشوريين النساطرة كان يعيش في ولاية الموصل ما يقرب من 40 الف آشوري كلداني وقد اطلق هذا الاسم على الآشوريين الذين اعترفوا بزعامة كنيسة روما الكاثوليكية".
ويقول ايضاً: " كان التدرج في المراتب الدينية لدى الآشوريين معقداً... وكان الآشوريون الكلدان في الأوقات التي تحدث فيها الاضطرابات يقدمون خدمات الى أحد القادة أو الاغوات الأكراد لكي يتمتعوا بحمايته.. فأن الآشوريين لم تصبهم عدوى التعصب الديني ولذلك فلم يكن من الصعب تحويلهم الى المعتقد البروتستانتي أو الكاثوليكي او الارثودكسي حتى ان تغيير المعتقد كان بالنسبة اليهم احدى الوسائل للمحافظة على النفس والكفاح من أجل البقاء.." .
وأخيراً قبل التحول الى فقرة أخرى من هذا البحث ارتأينا الاستشهاد برأي العلامة المعروف يوسف سمعان السمعاني حول آشورية الكلدان وغيرهم من المذاهب حين قال: "يراد بالكلدان الآشوريين ايضاً وهم دعوا شرقيين مطلقاً ونساطرة" .

دور الفكر العثماني في ضرب القومية الآشورية

الدولة العثمانية التي حكمت الديار الاشورية في معظمها كانت دولة اسلامية بالمعنى السياسي لها. فعاملت المسيحيين ومن ضمنهم الاشوريين معاملة مختلفة عن جيرانهم الاسلام من العرب والكرد...الخ. حيث نظمت شؤون المسيحيين بموجب نظام اسمته "مليتْ" يميزهم عن الاسلام بشكل كبير. كما انها كانت دولة طائفية استخدمت هذا السلاح في صراعها مع بلاد فارس الشيعية.
ان التحالف الاضطراري للاشوريين مع الانكليز ضد الدولة العثمانية في الحرب العالمية الاولى كان مدعاة حقد وكراهية في الاوساط العراقية المسلمة باعتبار الاشوريين خونة لانهم خاضوا الحرب ضد الدولة العثمانية المسلمة.
ولما كان بين قوات الدولة العثمانية ضباطاً وقادة تبوؤا المراكز القيادية سواء في الوزارات او في الجيش عند تأسيس الدولة العراقية، فهم تعاملوا مع القضية الاشورية في العراق بنفس الروحية العثمانية المذكورة اعلاه، عندما طالب الاشوريون ببعض الحقوق السياسية في العراق الجديد. وبناء على ذلك كله تعرض الاشوريون الى الاضطهاد بشكل كبير من حيث النكران للحقوق والمواطنة واعتبارهم مجرد طائفة نسطورية وافدة...الخ. وما لبث ان تحول الموقف ضدهم الى عمل عسكري منظم كانت خاتمته مذبحة السميل الشنيعة. في حين اعتبرت الحركات الكردية ضد الانكليز والنظام الملكي بانها حركة تحرر وطنية، وكذلك الحال عندما قاد الشريف حسين عام 1916 الثورة العربية الكبرى بدعم واسناد كامل من الانكليز ضد الدولة العثمانية لم يعتبرها أحد من المفكرين العراقيين بانها تمرد وخيانة للوطن والعمالة للاجنبي. كما كان الحال مع الاشوريين عندما ثاروا ضد الدولة العثمانية، مع كون ابنه الامير فيصل (ملك العراق) عضواً في مجلس المبعوثات العثماني.

هكذا كانت مصيبة الاشوريين الكبرى في وطنهم العراق، عندما اجتمع معظم رجال الحكم والسياسة في العراق وفي مرحلة تأسيس الدولة السياسي والفكري وهم متشبعين بالافكار الدينية والسياسية والعسكرية العثمانية تجاه الاشوريين. لانهم أي هؤلاء الرجال كانت غالبيتهم من أصول وانساب تركية وتركمانية وكردية...الخ وهم خريجي الكلية العسكرية العثمانية والدوائر القريبة منها. وباعتبارهم الرواد الاوائل أو آباء الفكر العراقي الجديد الذي استمر تأثيره الى الفترات اللاحقـة. فسرعان ما اصبح موقفهم الموروث هذا عبئاً ثقيـلاً في طريق التعامل مع الاشوري وحقوقه السياسية والوطنية والقومية وحتى الشخصية.
ولاجل التشبث بالسلطة وتحقيقاً للسلوك الانتهازي المترسب في ذهنية رجال الحكم والسياسة العراقيين في وبعد مرحلة تأسيس العراق المعاصر، جعلهم يبحثون عن ضحية سياسية من بين المحكومين وخاصة عندما يكونون مختلفين قومياً ودينياً عنهم، وكان الاشوريون في العراق المادة المثالية لتحقيق مشاريعهم الاستبدادية والقمعية هذه والتظاهر بالنضال ضد الاستعمار واعوانه. ويكفي ان ننقل حالة واحدة لتجسيد هذا الموقف المشين، يرويها المفكر الاشوري ابرم شبيرا نقلاً عن المؤرخ العراقي عبد المجيد حسيب القيسي صاحب كتاب (تاريخ القضية الاشورية في العراق) يقول: " ان حجي رمضان قائد الفرقة التي دبرت مذبحة الاشوريين في سميل قتل بمسدسه الخاص فلاحاً آشورياً بسيطاً وأعزل. وعندما سئل عن سبب قتل هذا المسكين أجاب على الفور: (أنه جاسوس انكليزي!!) في الوقت الذي كان يقف مع حجي رمضان مستشاران انكليزيان للحكومة العراقية" .
هذه الخلفية الفكرية والسياسية العثمانية لدى النخبة الحاكمة في العراق والتي ترسخت في عقلية العديد من العراقيين اصحاب النفوذ والقرار ولحد الان.. هي ذاتها كانت وراء تأجيج المشاعر ضد الاشوريين وسببت في " تصاعد الحملة الاستبدادية ضدهم وكانت ذروتها مذبحة سميل عام 1933 وما أعقبها من نتائج مدمرة اثرت على مستقبل حقوقهم الوطنية في العراق" والتي كان بطلها بكر صدقي الضابط السابق في الجيش العثماني، الذي استغل البطش بالاشوريين ونصّب نفسه بطلاً وطنياً استعداداً للوثوب على زمام السلطة بعد ثلاث سنوات في انقلابه العسكري الذي هو الاول في الانقلابات العسكرية المتوالية في العالم العربي.

وحدة القومية الآشورية والفكر العراقي المعاصر

ان جميع الخصائص القومية المتفق عليها تقريبا بين المختصين في هذا المجال متوفرة لدى الشعب الاشوري المسيحي العراقي وبجميع مكوناته الطائفية والاقليمية ـ طبقاً للتقسيمات الادارية العثمانية والدول التي ظهرت ما بعد الدولة العثمانية في المنطقة ـ وان مسألة الوحدة القومية الاشورية واضحة لمن يهمه الامر ولمن يرغب التأكد من ذلك. وقد اسهمنا في تقريب بعض ملامح هذه الوحدة باختصار لقراء هذا البحث في الصفحات السابقة.
ويمكن القول ان ما يشاهد من اسماء مذهبية وكنسية وطائفية بين الاشوريين هو حالة طبيعية لامة فاقدة الصولجان وتعتنق المسيحية منذ الفي عام، وخاضعة للاخر المختلف في الدين واللغة والثقافة الوطنية. فسميّ قسم منهم نساطرة لكونهم يتبعون تعاليم ولاهوت نسطوريس وقسم سريان لكونهم اتباع كنيسة مقرها في انطاكية السورية. وقسم كاثوليك لاتباعهم تعاليم الكاثوليكية الرومانية وآخرين كلدان لان البابا الروماني اوجانيوس الرابع اطلق عليهم هذا الاسم سنة 1445 رغبة منه لتمييزهم عن اقرانهم الاشوريين النساطرة. والاكراد والاتراك يسمونهم (فلاه) وفي الموصل (فليحي) لانهم كانوا فلاحين نشيطين واصحاب الارض. وآخرون اطلقوا عليهم تسمية (كاور) بمعنى الكفار وذلك في غمرة التعصب الديني والدروشة. وقسم منهم سمي ( برنكاي) و (بروطاي) لاتباعهم مذاهب المبشرين الفرنسيين والبروتستانتيين، بالاضافة الى الناطقين بالسريانية وحديثاً قومية (آثوريين السريان)....الخ من الالقاب والتسميات الكيفية والوصفية الغريبة بالاضافة الى تلك التي تتعلق بالاقاليم والعشائرية... ولكن كل ذلك لا يعلو الى درجة نكران وحدة الامة الاشورية ومن ثم الغاء وجودها في وطنها الا لمن يريد ذلك!.
لقد تشبث ومازال يتشبث ناكري الاشورية ووجودها وحقوقها في العراق بكل ما يسعفهم في مرامهم: "فأبتداءاً: يتوجب علينا وفق تصور الفكر العراقي.... أن نبدل (الشين) بـ (الثاء). ففي العراق يعرف الاشوريين بـ (ألاثوريين)" حيث يقول البعض ان الاشوري لا يساوي الاثوري، متناسين وضع هذين الحرفين (ش،س) في اللغة الاشورية منذ بدايات كتابتها قبل خمسة آلاف سنة والى الساعة. علماً بأن علماء الاشوريات يعرفون جيداً كيف ان (الشين) يتحول الى (الثاء) والى (التاء) والى (السين). هكذا فان التسميات آشورايا، وآثورايا وآتورايا وآسوراي وسورايا جميعها تعني الاشوري وليس شيئاً آخر.: "وعند ترجمة التسمية الى العربية منذ قرون اصبحت آشوري وآثوري وآسوري....الخ" .
رغم كل هذا اللغط والتشويه الناجم عن الغايات المقصودة أو عن عدم أخذ المسألة بعلمية وجدية فأن للاشوريين نفسهم دوراً فيه. فالمسلوب الارادة والقرار ليس له سلاح في معظم الاحوال الا الصبر والرضوخ. رغم هذا كله فان العنوان القومي الاشوري والقضية الاشورية ظلت حاضرة في عصبة الامم والامم المتحدة والكثير من المحافل الدولية المعنية بحقوق الانسان بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى وابان مشكلة الموصل ومابعدها. وفي مجال الدراسات الاكاديمية وعلم الديانات الشرقية... وحتى في السياسة العراقية والشرق اوسطية كان للاشورية والاشوريين حضوراً يشغل بال المخططين والمنفذين للامور ومجرياتها دوماً. فمثلاً ورد في تصريح الاستقلال الذي وقع عليه العراق عند دخوله عصبة الامم في ايار 1932 " القي على عاتق العراق عدداً من الالتزامات والضمانات تجاه الاقليات القومية وبالدرجة الاولى الاكراد والاشوريين..."
وفي صيف عام 1960 ورد ما يلي على لسان بعثة اسرائيلية عاملة في شمال العراق: "وأخيراً رأينا الاشوريين. وهم من سلالة ذلك الشعب التاريخي القديم والمذكور في التوراة" .
أما الصحفي الامريكي المخضرم الذي جاب منطقة آشور طوال اربعين سنة قال: ".... فجذور الثقافة الكردية لا تعود الى نصوص قديمة، كما هو الحال بالنسبة الى سائر شعوب المنطقة واثنياتها مثل: اليهود والعهد القديم والمسيحيين الاشوريين والعهد الجديد أو الارمن وما تمتلكه كنيستهم من محفوظات قيمة أو العرب والقرآن...."
وما ذكر اسم القومية الاشورية بصورة واضحة في بعض قرارات النظام السابق وقبلها على لسان ميشيل عفلق نفسه الا دليلاً على حضور المسألة الاشورية رغم الطمس والتشويه، حين قال في كتابه (في سبيل البعث)..: "لذلك كان هناك رد فعل على القومية المتعصبة من الاكراد والاشوريين والارمن رد فعل ديني ومذهبي..." وفي 1/5/1970 اصدر رئيس جمهورية العراق قراراً بتعيين البطريرك مار ايشاي شمعون رئيساً أعلى للقومية الاشورية في العراق. وفي 25/12/1972 صدر قرار العفو عن الاشوريين المشتركين بحوادث 1933 واعادة الجنسية العراقية اليهم. وبموجب هذا القرار عاد مالك ياقو الى العراق في شباط 1973 وأعيدت له الجنسية العراقية. ثم صدر قراراً آخر بتعيينه "رئيساً للقومية الاشورية".
وما أصاب الوحدة القومية للاشوريين من الضرر بسبب عدم مقدرة أو رغبة العقلية العراقية في الفكر العراقي المعاصر التفريق بين تسمية الاشوريين كقومية عراقية عريقة تضم طوائف وحتى أديان، وبين تسمياتهم الطائفية المتعددة ليس قليلاً. ومن ثم التعامل معهم ومع تاريخهم على اساس طوائف مسيحية أو مذاهب كنسية لا يربطهم رابط واللجوء الى ابتكار تسميات مركبة تجمع بين الطائفية والمذهبية واللهجوية وغير ذلك من النعوت التي لم تكن غايتها الا اظلال الاشوري اولاً وإظلال العالم ثانياً بتحجيم الاشورية ووجودها وحقوقها ودورها الثقافي والحضاري في هذا البلد ضمن كنائس ومذاهب في العراق وليس غير ذلك.
ولقد ساهمت هذه المواقف الشوفينية من تاريخ وواقع الامة الاشورية مساهمة فعالة في خلق موقف فكري وسياسي معاد لدى الاكثرية العراقية بحيث صارت تقبل بالتهم الملصقة بالاشوريين وبحركتهم الوطنية منذ العهد العثماني كحقيقة واقعة. والتي تصف الاشوريين بالخيانة والعمالة والارتباط بالاجنبي. وفي الاونة الاخيرة راق للبعض ان يصفهم بالصليبيين، متناسين كون العديد من ابناء العشائر الاشورية في شمال الوطن جنوداً في صفوف صلاح الدين لمقارعة الغزو الغربي لهذه الديار.
وعلى المستوى القومي الاشوري ، فأن تأثير هذا الفكر كان من القوة بحيث أدى مفعولاً سلبياً وبالأخص لدى الطوائف الكاثوليكية (الكلدانية) والسريانية من خلال تفعيل التناقضات الطائفية والعشائرية في المجتمع الآشوري برمته، وساهم في ابعاد الكثير من ابناء هذه الطوائف عن التسمية الآشورية وبالتالي الابتعاد أو التخلي عن انتمائهم القومي الصحيح، لكي لايواجهوا المأساة والفواجع التي أصابت أقرانهم المتمسكين بالآشورية.

لخلاصة ا

نعتذرلاننا في هذه العجالة حرمنا القاريء الكريم والحقيقة الأكاديمية من الكثير من المعلومات القيمة عن موضوع مهم له علاقة بالماضي المجيد للوطن والحاضر المتعثر الثقيل على ابناءه والمستقبل الزاهر الواعد لجميع ابناء العراق والمنطقة بأسرها، الا وهو المسألة الاشورية في العراق.
ـ الاشوريون وكما لاحظنا هم أقدم قومية تركت بصماتها على عملية صيرورة العراق الحالي من بين القوميات ومكونات عراق اليوم.
ـ بحكم تأريخهم الطويل والعصور والحقب الحضارية المختلفة التي مرت عليهم أصبح من الطبيعي مشاهدة الاشوري في أكثر من مذهب وطائفة ودين ولغة وتقليد اجتماعي.
ـ رغم هذا التنوع في الاوجه الاشورية الفكرية والانتماءات المذهبية الا ان العناصر الخاصة والضرورية للوجود القومي الحي مازالت قائمة بين ابناء الامة الاشورية.
ـ ان عدد الاشوريين العراقيين ليس مخيباً للآمال وانهم يشكلون القومية الثالثة في العراق دون منافس، اذا تم الاعتراف بالملايين المهاجرة والمهجرة والمطرودة من ابناء آشور كونهم عراقيين ولهم حق العودة والتمتع بالجنسية العراقية. لان القليل الباقي في العراق من الاشوريين هو حصيلة افعال قهر وتشريد فلا يجوز اعتباره حقيقة مطلقة والبناء عليه لكي لا نكون بمثابة مشتركين في جريمة اضطهاد وابعاد هذا الشعب الحضاري العتيق من دياره.
ـ الاشوريون ليست عندهم حساسية من جميع مكونات الشعب العراقي الرئيسية القومية والعرقية والطائفية اطلاقاً. فهم أناس مسالمون متسامحون يحبون الوطن والعمل والعلم والثقافة. فلا ضير ان تكون القوميات العراقية خمسة أو ستة أو أكثر بشرط ان لا يؤثر ذلك على حقوق الاشوريين على ارض اجدادهم ولا على امتيازاتهم كعراقيين ودون التمييز العرقي والديني والثقافي...الخ.
ـ التسمية الكلدانية أطلقت على الاشوريين الكاثوليك من قبل الكنيسة الرومانية عام 1445 م. وأعترف بهم في عام 1845 م من قبل العثمانيين كملّة من ملَل الدولة العثمانية نتيجة ضغوطات القنصليات الفرنسية وفي غمرة مذابح بدر خان بك بحق الاشوريين النساطرة في هكاري.
اما التسميات السريانية والسريان واللغة السريانية والسورث والسورايا والسوريايي و Syrian, Syriac وسوريا والساحل السوري...الخ. ربما، نقول ربما كانت كلها تخريجات لغوية أو تصحيفات أو الفاظ مشتقة أو عائدة بالاصل الى اسم آشور والاشورية. ولكن يجب رفضها جميعاً لسببين مهمين: الاول: نحن عراقيون ولنا اسمنا القومي الاشوري ولغتنا الاشورية المحكية والمكتوبة الحية فلسنا بحاجة لاسم آخر يطلق علينا أو على لغتنا يبعدنا عن موروثنا الحضاري الاصيل. والثاني: طالما يوجد اليوم بلد ذو سيادة بهذا الاسم وهو الجمهورية العربية السورية فأن جميع هذه التخريجات لامحال تعود اليه ايضاً بشكل من الاشكال. وكما هو معلوم اليوم السوري ليس آشورياً ولا عراقياً فلماذا يريد من يريد أن يحرم أقدم أمة حضارية من بين الأمم العراقية اليوم (أمة آشور) من آشوريتها وعراقيتها وتراثها الذي يبهر القاصي والداني.



سفر الملوك الرابع. الفصل السابع عشر (5-6).

سفر الملوك الرابع. الفصل 16: 7.

فتح الله جرجيس. مباحث آشورية ط. 1996 ستوكهولم .ص 34.

جورج رو. العراق القديم. ت. حسين علوان. 1984 ص. 354.

اندريه بارو. بلاد آشور (نينوى وبابل) ت. د. عيسى سلمان وسليم طه التكريتي 1980 ص 17.

جورج رو. العراق القديم. ت. حسين علوان. 1984 ص. 504 ـ 505.

جورج رو. العراق القديم. ت. حسين علوان. 1984 ص. 561.

سفر ايشعيا 19: 24.

Homolies of Mar Narsai, Vol. 1. San Francisco, 1970, p. 92

W. Cureton, Ancient Syriac documents, Amesterdam p. 16

هاري ساكز. قوة آشور. ت. عامر سليمان ط 1999. ص 409.

Simo Parpola. Assyrian after Asssyria, Journal of the Assyrian Academic society vol. 1. No. 2, 2000 p.1

الاب الدكتور سرهد جمو. مجلة بين النهرين العدد (95ـ 96) سنة 1996. كنيسة المشرق بين
شطريها.

الامير شرف خان البدليسي. الشرفنامة. ت. ملا جميل بندي روزبياني. بغداد. 1953 ص 128.

جبال آشور: مسطلح تاريخي ـ جغرافي كان مستعملاً الى عهد قريب. لاحظ المؤرخ الانكليزي
الشهير (Gibouns ) في كتابه:
The history of the Decline and Fall of Roman Empire , chap xlvii p. 48

Fiey. Assyri Chretienne. 3 Vol. Beyrouth 1965-1968

الاب منصور المخلصي. المسيح المعاصر. بغداد 2004 ص 123.

حسب المؤرخ الانكليزي ادوارد كيبون المار الذكر (ان رسالة الملك تياذاسيس كانت تفوح منها
رائحة المكر بحق المسيحيين الشرقيين. وهي محفوظة في مكتبة الفاتيكان. مع هامش لناسخها
يذكر فيه بأنه حرر هذه الرسالة ليلهب بها قلب الامبراطور الفارسي ضد المسيحيين).

Journal of the Assyrian Academic Society. Vol. 12. No. 2, 2000/ The Scythe of the Ottomans and the Decimation of the Assyrian Nation. Abdul-Massih
Saadi, p. 17.
J.F. Coakley, The Church of the East and the Church of England. Oxford, 1992 p. 313

البرت م. منشاشفيلي. العراق في سنوات الانتداب البريطاني. ت. الدكتور هاشم صالح التكريتي
بغداد 1978 ص 344 وما يليها.

نقلاً عن القس قرياقوس مخنوق. حال الخلف بازاء السلف. مجلة المشرق العدد 3. 1899 ص 97.

ابرم شبيرا. الاشوريون في الفكر العراقي المعاصر. لبنان 2001 ص 79.

نفس المصدر ص 80.

البير ابونا. تاريخ الكنيسة السريانية ج3. بيروت 1993

ابرم شبيرا. الاشوريون في الفكر العراقي المعاصر. لبنان 2001

عوديشو ملكو آشيثا. آشوريو اليوم. بغداد 2004 ص 52.

البرت م. منشاشفيلي. العراق في سنوات الانتداب البريطاني ت. الدكتور هاشم صالح التكريتي
بغداد 1978 ص 297.

شومو نكديمون. الموساد في العراق ودول الجوار. ت. بدر عقل ط عمان 1997 ص 189.

جوناثان راندل. امة في شقاق. ت. فادي حمّود بيروت 1997 ص 33.

(( مقالة نقلت من مصدرها))
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الآشوريـون ، الخلفية التاريخية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
bidaro com بيدارو كوم :: منتديات بيدارو كوم :: الحضارات :: منتدى حضارة وتاريخ ومدن ,,-
انتقل الى: